Wikipedia

نتائج البحث

النفس حيرى

3efrit blogger

الثلاثاء، 14 يونيو 2011

تاريخ نشوة العلاقة الروسية الايرانية




اقيمت العلاقات بين روسيا وايران (بلاد فارس) عام 1592 حين كان الصفويون يحكمون البلاد. وتاريخ العلاقات الروسية الفارسية غير بسيط وملئ بالصراعات من اجل فرض النفوذ في منطقة جنوب القوقاز وهو صراع شاركت فيه روسيا وايران والدول الغربية. وتم توقيع اولى الاتفاقيات التي ارست فيما بعد اساسا للعلاقات في مطلع القرن العشرين بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى.


تاريخ نشوء العلاقات الروسية - الايرانية


تعود أولى الاتصالات بين الروس القدماء و بلاد فارس التي وردت في أسفار التاريخ الروسية والايرانية الى القرنين التاسع والعاشر الميلاديين حين قامت فصائل من الجيش الروسي بحملات عسكرية على السواحل الجنوبية- الغربية لبحر قزوين .
اقامت روسيا في النصف الثاني من القرن الخامس عشر علاقات دبلوماسية وتجارية نشيطة مع بلاد فارس. وكانت الرحلة التي قام بها الرحالة الروسي
افاناسي نيكيتين الى الهند واقامته في بلاد فارس لمدة سنتين ومذكراته بهذا الصدد حدثا ساطعا في تاريخ العلاقات الروسية- الايرانية ( المزيد من التفاصيل عن رحلة التاجر الروسي افاناسي نيكيتين الى الهند على موقعنا).
وقد تعززت العلاقات الى حد كبير بعد اخضاع
ايفان الرهيب عام 1556 لكل من امارة خان قازان وامارة خان استراخان لسيطرة روسيا. الامر الذي مكن روسيا من السيطرة على الطريق المائي الطبيعي المؤدي الى بحر قزوين، وهو نهر الفولغا. وبدأت رحلات القوافل التجارية في هذا النهر العظيم منذ ذلك الحين من مدينة قازان الى المدن الرئيسية في بلاد فارس. وكان الطريق التجاري المائي الرئيسي في القرنين السادس عشر والسابع عشر يمر من استراخان على امتداد الشاطئ الغربي لبحر قزوين مرورا بمينائي تيركي ودربنت في داغستان . ثم مر الطريق البري نحو مدينة شامخة عاصمة شيروان، ثم الى اصفهان عبر اردبيل وكاشان.
وصار الطريق التجاري من موسكو الى بلاد فارس يستقطب اهتمام دول شمال غرب اوروبا وبصورة خاصة انجلترا وهولندا . وكان ضيوف القيصر او بالاحرى التجار الحكوميون يشكلون ثلاث مرات في كل سنة على نهر الفولغا قوافل تجارية تتوجه الى بلاد فارس حيث يتم تبادل فرو السمور وغيره من الحيوانات الشمالية والنحاس الاحمر والاقمشة بالحرير الايراني. وقد شكلت عائدات التجارة قسما كبيرا من ايرادات الخزينة الروسية. وكان الاجانب والانجليز على الاخص يسعون الى نيل حق التجارة الحرة مع بلاد فارس مرورا باراضي امارة موسكو. لكن هذا الامر لم يتفق ومصالح الحكومة الموسكوفية التي كانت تمنع الفرس من دخول الاراضي الروسية في اماكن تتجاوز مدينة استراخان. اما الانجليز فحظر عليهم الخروج من ميناء ارخانغيلسك في شمال روسيا حيث كانت تجري مقايضة الحرير بالاقمشة البريطانية.



الاتصالات الدبلوماسية الاولى


لقد ارسي اساس الاتصالات الدبلوماسية بين الدولة الروسية ودولة فارس في اواخر القرن السادس عشر. ففي عام 1594 تم ايفاد اول سفارة روسية الى بلاد فارس برئاسة الامير اندريه زفينيغورودسكي. وكان السفير الايراني قد وصل الى موسكو آنذاك . وقد سلم الشاه عباس الى الوفد الروسي تأكيداته على انه يريد اقامة علاقات الصداقة والاخاء والمحبة مع القيصر فيودور ايوانوفيتش الذي كان يحكم روسيا آنذاك.
وجدير بالذكر ان الدولة الصفوية كانت حينذاك تتنافس مع الامبراطورية العثمانية في مجال السيطرة على مستعمرات جديدة. ومن اجل عقد تحالفات ضد الامبراطورية العثمانية قام الشاه عباس بايفاد بعثات الى بلاطات الملوك الاوروبيين بما فيها روسيا. وقامت روسيا على الفور ردا على ذلك بايفاد بعثة الى ايران ترأسها ألكسندر جيروف زاسيكين، وذلك بهدف عقد اتفاقية عسكرية موجهة ضد تركيا. ورغم انه لم تعقد اتفاقية بهذا الشأن فان الجانبين توصلا الى اتفاق شفوي على القيام بأعمال مشتركة ضد تركيا.
وشهد عام 1625 حدثا ذا اهمية خاصة، وهو اهداء شاه عباس غفارة المخلص التي استولى عليها الفرس بعد غزوهم لجورجيا الى القيصر الروسي. واستحدثت الكنيسة الارثوذكسية الروسية في يوم 14 يوليو/تموز عيدا خاصا، نسبة الى هذا الحدث ، وهو عيد وصول غفارة السيد المسيح.



بدء النزاعات العسكرية بين روسيا وبلاد فارس


قام القيصر بطرس الاول بحملة بأول حملة على فارس في عامي 1722 -1723 . وقد شكل ضعف دولة الصفويين في زمان الشاه سلطان حسين خطر استيلاء تركيا المنافسة لروسيا على شرق ما وراء القوقاز. وبعد اجتياح الافغان لبلاد فارس عام 1722 احتلت تركيا اقليم كارتلي الجورجي الذي كان آنذاك تحت سيطرة ايران. وقد استعان ولي العهد الايراني بروسيا التي انتصرت منذ وقت قليل في الحرب الشمالية مع السويد. وقرر القيصر بطرس الاول سعيا الى ضمان المصالح التجارية الروسية في منطقة بحر قزوين التدخل المسلح في شؤون القوقاز، وقام بحملة عسكرية اسفرت عن ضم دربنت وباكو واقليم جيلان الى روسيا .
وتم في سبتمبر/ايلول عام 1723 توقيع اتفاقية بطرسبورغ التي تنازلت بلاد فارس بموجبها لصالح لروسيا عن اقاليم قزوين ووافقت على انتقال امارتي دربنت وباكو الى سلطة روسيا. لكن
القيصرة آنا ايوانوفنا اقدمت في ثلاثينات القرن الثامن عشر على اعادة النظر في اتفاقية بطرسبورغ سعيا الى جذب بلاد فارس الى جانبها في نزاع قد يندلع مع تركيا. وقد عقدت عام 1732 اتفاقية "رشت" التي قضت باستعادة ايران للاقاليم الثلاثة واقامة الحدود على نهر كورا. ثم عقدت عام 1735 اتفاقية غنجه التي نصت ايضا على اعادة دربنت وباكو الى ايران ونقل الحدود الروسية- الفارسية الى نهر تيريك. الامر الذي ألغى نتائج الحملة العسكرية للقيصر بطرس الاول.


الحرب الروسية - الفارسية عام 1796


تم في سنة 1783 توقيع اتفاقية جوارجيوس التي قضت بانتقال جورجيا التي كانت تتعرض للاضطهاد الديني وغزوات العثمانيين والفرس الى حماية روسيا. وقامت ايران باجتياح عاصمة جورجيا تبليسي التي دمرت ونهبت ، وترأس الحملة العسكرية ضدها اغا محمد خان مؤسس السلالة الايرانية الحاكمة الجديدة الذي سعى الى استعادة سيطرته على جورجيا.
كان القيصر الجورجي قد وجه مرارا طلبات الى روسيا لتقديم المساعدة له. وقامت روسيا في ابريل/نيسان عام 1796 بتوجيه فيلق قزوين برئاسة فالريان زوبوف من مدينة قزلارعبر داغستان كلها الى الاقاليم الاذربيجانية في ايران. واستولى الروس على قلعة دربنت، ثم دخلوا قبة وباكو دون ان يواجهوا اية مقاومة. لكن روسيا شهدت تغيرات بعد تربع
القيصر بافل الاول على العرش الروسي، الامر الذي ادى الى انسحاب القوات الروسية من جنوب القوقاز في ديسمبر/كانون الاول عام 1796.


الحرب الروسية - الفارسية على تخوم القرنين الثامن عشر والتاسع عشر



زادت روسيا في مطلع القرن التاسع عشر من تغلغلها في جنوب القوقاز وذلك بعد تلقى اكثر من طلب من جانب جورجيا لحمايتها من الغزو التركي والفارسي. وقام القيصر ألكسندر الاول في سبتمبر/ايلول عام 1801 بضم مملكة كارتلي وكاخيتيا الى روسيا. ثم انضمت اقاليم مينغريليا وأميريتيا وغوريا التي تعتبر الآن جزءا من جورجيا المعاصرة الى روسيا، مما اثار استياء ايران. وبعد ان احتلت القوات الروسية عام 1804 على امارة خان غنجه للحيلولة دون زحف فصائل غنجه العسكرية على جورجيا اعلنت بلاد فارس الحرب على روسيا. لكن في نهاية الامر استولت القوات الروسية على امارات باكو وشيكين وقبة ودربنت.
في عام 1806 نشبت الحرب بين روسيا وتركيا، واضطرت القيادة الروسية الى توقيع اتفاقية الهدنة مع الفرس في شتاء عام 1806 – 1807 . لكن شاه ايران عقد في عام 1807 حلفا ضد روسيا مع فرنسا نابليون. فاستؤنفت العمليات الحربية. وبعد ان صدت القوات الروسية عام 1809 كل المحاولات للاستيلاء على غنجه قامت بلاد فارس بألغاء الاتفاقية مع فرنسا واستعادت تحالفها مع بريطانيا. وبادرت بريطانيا الى حمل تركيا على عقد اتفاقية مع ايران حول العمليات المشتركة في جبهة القوقاز. ودخل جيش عباس ميرزا مايو/آيار عام 1809 اقليم قره باغ. لكن الوحدات الروسية القليلة العدد ألحقت هزيمة به في معركتين بالقرب من قلعة مغري وعلى نهر أراكس. وقامت القوات الروسية في خريف العام نفسه بايقاف هجوم الفرس وحالت دون اندماجهم بالقوات التركية.
وبعد التوقيع على اتفاقية الصلح الروسية - التركية صارت بلاد فارس تميل الى السلام مع روسيا. لكن ورود نبأ
احتلال نابليون لموسكو زاد من نفوذ الكتلة العسكرية لدى حاشية الشاه الايراني. وتم تشكيل جيش ضخم في جنوب اذربيجان برئاسة عباس ميرزا زحف نحو جورجيا. لكن الجنرال بيوتر كوتلياريفسكي دحر الجيش الايراني المتفوق عليه فاحتل مدينة لينكوران وحمل الشاه على بدء مفاوضات السلام.
وتم في 12 اكتوبر/تشرين الاول عام 1813 التوقيع على اتفاقية جولستان للسلام التي اعترفت بلاد فارس بمقتضاها بانضمام جورجيا الشرقية والقسم الاكبر من اذربيجان الى روسيا. ونالت روسيا الحق المطلق في الابقاء على اسطول حربي في بحر قزوين.



ضم ارمينيا الشرقية الى روسيا



اسفرت الحرب الروسية- الفارسية في اعوام 1826 -1828 عن ضم اقاليم ارمينيا الشرقية الى الامبراطورية الروسية.
ولم يسلم الفرس بفقدان القسم الاكبر من المنطقة الشرقية في جنوب القوقاز فبدأ بعد توقيع اتفاقية جولستان التقارب بينهم وبين بريطانيا، مما ادى الى توقيع اتفاقية عام 1814 الفارسية- البريطانية. وشنت ايران حملة مناهضة للروس بين الحكام الاذربيجانيين والداغستانيين. لكن روسيا استطاعت اخضاع امارة خان شيروان. وبحلول عام 1824 انتهت من ضم داغستان الى روسيا.
تغيرت سياسة روسيا في القوقاز بعد تربع
نيقولاي الاول على العرش الروسي. وابدت روسيا استعدادها للتنازل عن القسم الجنوبي من امارة خان "تاليش"، وذلك مقابل اعلان ايران لحيادها. لكن الشاه فتح علي رفض اقتراحات روسيا بضغط من قائده
عباس ميرزا . وعبرت القوات الفارسية في يوليو/تموز عام 1826 الحدود الروسية دون ان تعلن حربا. وبالرغم من بعض النجاحات في بداية الحملة تم دحر الجيش برئاسة عباس ميرزا واجباره على العودة الى بلاد فارس.
ودخل الجيش الروسي في اكتوبر/تشرين الاول عام 1828 الى اذربيجان الجنوبية ، الامر الذي اضطر الفرس الى الموافقة على مفاوضات السلام. وقد تم في فبراير/شباط عام 1828 التوقيع على معاهدة "تركمان تشاي
" للسلام مع بلاد فارس. وتنازلت ايران بمقتضى المعاهدة لصالح روسيا عن ارمينيا الشرقية ( خانيتي يريفان وناخيتشيفان).
وقام ألكسندرغريبويدوف الدبلوماسي والشاعر والكاتب المسرحي والموسيقي الروسي المعروف بايصال نسخة من المعاهدة الى بطرسبورغ عاصمة روسيا . ثم تم تعيينه في منصب سفير روسيا في ايران. لكن اعضاء البعثة الدبلوماسية الروسية في طهران

برئاسة غريبويدوف قتلوا بوحشية على ايدي المتطرفين. وغدا الموت المأساوي للسفير غريبويدوف نقطة انعطاف في العلاقات الروسية - الفارسية. وارسل الشاه الفارسي اعتذاراته الى نيقولاي الاول، فأوفد الى بطرسبوغ ولي عهده الذي طلب من الامبراطور نيقولاي بان يفتدي غريبويدوف بروحه. لكن القيصر طالب بمعاقبة المذنبين واجراءالتحقيق في ملابسات الجريمة.
اسفرت الحروب الروسية - الفارسية عن ضم المنطقة الشرقية في جنوب القوقاز الى روسيا التي اصبحت بعد ذلك تسيطر على بحر قزوين. كما خلقت الظروف الملائمة لبسط نفوذ روسيا في منطقة الشرق الاوسط. اما الشعوب المسيحية في شرق جورجيا وشمال شرق ارمينيا فتحررت من نير الاتراك والفرس واحتفظت باصالتها الاثنية.



التنافس الروسي - البريطاني في بلاد فارس


استمر الصراع الروسي - البريطاني في بلاد فارس حولي 100 سنة، وكان هذا الصراع مشهدا من مشاهد التنافس الهائل الذي اندلع بين الامبراطوريتين العظميين في ربوع آسيا. كان يكمن جوهر التنافس اولا في صراع المصالح التجارية في منطقتي ايران وجنوب القوقاز اللتين ربطتهما التجارة المشتركة.
كانت السلع الروسية في ثلاثينات القرن التاسع عشر تمر الى بلاد فارس بطريقين وهما: الطريق الاول الذي كان يؤدي الى تبريز عبر منطقة جنوب القوقاز والطريق الثاني الذي كان يمر ببحر قزوين وجيلان. لكن الميزان التجاري ظل سلبيا. وعلى سبيل المثال فان عام 1834 شهد تصدير السلع من روسيا الى بلاد فارس بمبلغ 2.5 مليون روبل. اما استيراد السلع الايرانية فبلغ 5 ملايين روبل.

وكانت منافسة الانجليز تلحق ضررا شديدا بالتجارة الروسية. وبالاضافة الى استخدام البريطانيين لدرب القوافل القديم "طرابزون – تبريز" فانهم صاروا يلجأون الى نقل سلعهم بالترانزيت عبر منطقة جنوب القوقاز دون ان يدفعوا الرسوم الجمركية الروسية التي بدأ تطبيقها منذ عام 1827 . وكانت طرابزون تحصل في كل عام من ترانزيت السلع الى بلاد فارس على مبلغ 5.5 مليون روبل.
بذلك قام الانجليز بأبعاد الروس من السوق الايرانية. فردت الحكومة الروسية على هذا بفرض الرسوم الجمروكية على كل من يمر بمنطقة جنوب القوقاز. كما انها اعدت مشروعا للاستيلاء على طرابزون. وبعد اتخاذ هذه الخطوات صار الانجليز يشكون من انهم وجدوا انفسهم مقطوعين عن بحر قزوين وآسيا الوسطى.
والى جانب التنافس في المجال التجاري اشتد الصراع الانجليزي - الروسي في المجال السياسي.



الصراع من اجل السيطرة على افغانستان


جرى في الربع الثاني من القرن التاسع عشر انتقال الصراع السياسي والعسكري الى شرق الهضبة الايرانية والى مدينة هرات بصورة خاصة. ولا تزال هذه المدينة لحد الآن تلعب دور ملتقى الطرق العالمية المؤدية الى وسط آسيا و بلاد فارس والهند. وبعد هزيمة بلاد فارس في صراعها مع روسيا صارت تبحث عما يعوض ذلك في الشرق وتسعى للاستيلاء على هرات مستفيدة من الفوضى السائدة في افغانستان التي تحولت الى امارة مستقلة.
واساءت طموحات بلاد فارس في هرات بصفتها ملتقى للطرق المؤدية الى الهند اساءت الى حد كبير الى علاقاتها مع الانجليز.
واحكم الفرس عام 1833 الحصار على هرات، لكنه باء بالفشل. ثم بدأوا الحصار الثاني مما اثار المقاومة الشديدة من جانب الانجليز. ومما يجدر الذكر ان الضابط البريطاني ألدريد بوتينجر كان يترأس الدفاع عن هرات. اما الضابط الروسي الكونت سيمونيتش فكان يقود جيش الشاه.
وقد اثرت هزيمة روسيا في حرب القرم التي اندلعت بين روسيا والامبراطورية العثمانية المدعومة من قبل بريطانيا وفرنسا ومملكة سردينيا في وضع بلاد فارس على الصعيد العالمي. واحتلت ايران هرات عام 1856، مما ادى الى اعلان بريطانيا الحرب عليها واحتلال عدد من المواقع الهامة على ساحل الخليج العربي، بما فيها بوشهر. ثم وجهت بريطانيا اسطولها نحو نهري الاهواز والكارون لقطع الطرق التجارية الفارسية في جنوب البلاد. وقضت معاهدة باريس التي اثبتت عام 1857 نتائج حرب القرم بتحرير اراضي افغانستان بما فيها مدينة هرات والاعتراف باستقلالها التام، واجبرت بلاد فارس على استشارة بريطانيا في حال وقوع اية اشتباكات على الحدود بين الدولتين.



ترسيم الحدود في اواخر القرن التاسع عشر


استولت روسيا عام 1887 على واحة مرو التي كانت ايران تسيطر عليها على مدى تاريخها و بسطت سيطرتها على تركمانيا. اما الانجليز فلم ينظموا حملات عسكرية بل كانوا يتوغلون الى اراضي الغير بحجة رسم الحدود وتصحيحها.
وبدأت بلاد فارس في سبعينات القرن التاسع عشر ببسط سيطرتها على اقليم بلوجستان. فيما اسرعت بريطانيا الى رسم حدود بلوجستان تحت حمايتها. ثم طرحت مسألة رسم الحدود في الوادي الخصب لنهر هلمند الذي يعتبر مهد الحضارة الفارسية والدولة الايرانية. وتولت بريطانيا دور الوساطة بين بلاد فارس وافغانستان. وجعلت ايران تمتلك قسم الوادي المستنقع وافغانستان تمتلك قسمه الخصب. ثم جاء دورشاطئ المحيط الهندي واقليم مكران الذي قام الانجليز بتقسيمه ايضا وجعلوا ايران تمتلك الاراضي الصحراوية القاحلة منه، اما اقليم خراسان فوجد نفسه نتيجة رسم الحدود الجديدة مقطوعا عن البحر ويتوجه بانظاره إما الى الهند وإما الى تركستان الروسية لكي لا يهلك.
بحلول عام 1876 صار القسم الاكبر من آسيا الوسطى يخضع لروسيا. وادرك القيصر ألكسندر الثالث المتربع آنذاك على العرش الروسي اهمية ترسيخ الحضور الروسي في هذه المنطقة. لكن هجوم القوات الروسية توقف عام 1881 بسبب المفاوضات التي بدأت في طهران في موضوع الفصل بين ممتلكات روسيا وايران في تركستان. وأسفرت المفاوضات عن توقيع الاتفاقية الروسية -الفارسية التي تعهدت بلاد فارس بمقتضاها بالا تتدخل في شؤون السكان التركمان الذين يقطنون مرو وطانجن. واصبحت تلك الوثيقة الدبلوماسية بالنسبة الى روسيا ضمانا من العدوان من جانب بريطانيا وبلاد فارس.




الحرب العالمية الاولى


لم تشارك ايران رسميا في هذه الحرب كما ان قيادتها اعلنت رسميا حيادها في 1 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1914. ولكن منذ بداية الحرب العالمية الاولى تقريبا تحولت اراضي البلاد الى ملتقى جسر للعمليات الحربية للدول المتحاربة وبينها بريطانيا وروسيا من جهة وألمانيا وتركيا من جهة اخرى.



في اواخر نوفمبر/تشرين الثاني عام 1914 غزا الجيش التركي المناطق الغربية من اذربيجان الايرانية مما شكل خطرا على مناطق السيطرة الروسية في جنوب القوقاز. كما احتل الجيش التركي مدينة تبريز.


بدورها شنت القوات الروسية ردا على هذه الاعمال العدوانية من جانب التحالف التركي- الالماني في اواخر يناير/كانون الثاني عام 1915 هجوما على القوات التركية المرابطة في اذربيجان الايرانية واحتلت تبريز في 31 يناير/كانون الثاني عام 1915 . ورافق الهجوم الروسي دخول قوات بريطانية جديدة في المناطق الايرانية الجنوبية الغربية الغنية بالنفط، وذلك تنفيذا لاتفاق تقاسم ايران الموقع بين الدولتين الامر الذي ساعد على تصعيد الاجواء المناهضة للروس والبريطانيين في ايران. واعلنت المانيا على خلفية ذلك انه ليست لديها اية مصالح استعمارية في ايران وصورت نفسها كقوة ثالثة في المنطقة. وابدت في مثل هذه الظروف الحكومة والمجلس في ايران دعمهما للكتلة الالمانية والنمساوية والتركية مما ادى الى وقوع ايران تحت الاحتلال بشكل كامل من جنوبها الى شمالها حيث احتلت روسيا القيصرية المناطق الشمالية حتى اصفهان. اما بريطانيا فاحتلت المناطق الجنوبية بالاضافة الى تركيا التي احتلت بعض المناطق الغربية بما فيها همدان.


العلاقات الروسية - الايرانية في الفترة التي اعقبت ثورة اكتوبر عام 1917


بدأت الحكومة السوفيتية بعد قيام ثورة عام 1917 سحب قواتها من ايران وذلك بعد توقيع معاهدة بريست للهدنة مع الالمان في 23 مارس/آذار عام 1918 وحلت القوات البريطانية فورا محل القوات الروسية المنسحبة.
وقامت الحكومة الايرانية الموالية للانكليز بقطع المفاوضات التي بدأت بين الحكومة السوفيتية والسفير الايراني. لكن الحكومة السوفيتية استمرت في بذل الجهود الرامية الى اقامة علاقات مباشرة مع ايران واوفدت عام 1918 بعثة دبلوماسية الى طهران. رفضت القيادة الايرانية الاعتراف بتلك البعثة رغم انها اعترفت بالحكومة السوفيتية الجديدة في ديسمبر/كانون الاول عام 1917. وبقيت تحافظ على الاتصالات مع مبعوث يمثل القيصر السابق رغم ان السلطة السوفيتية اعفته من منصبه. وشنت الصحافة الايرانية حملة تحريضية ضد المبعوثين السوفيت انتهت بهجوم فريق الحرس الابيض الذي ضم ضباطا بريطانيين ايضا على البعثة. ولم تتخذ الحكومة الايرانية اية خطوات لحماية البعثة. وتم نهب مبنى البعثة واعتقال منتسبيها وتسليمهم الى السلطات البريطانية التي ارسلت المعتقلين الى الهند.
وتحولت ايران الى قاعدة بريطانية انطلقت منها العمليات الحربية ضد الدولة السوفيتية. وشهدت ايران في صيف عام 1918 اطلاق الحملتين العسكريتين للجنرال دينسترفيل نحو باكو والجنرال موليسون نحو تركمنستان.
وكان البريطانيون يخططون لاحتلال منطقة جنوب القوقاز الروسية كلها وقبل كل شيء مدينة باكو انطلاقا من الاراضي الايرانية. كما انهم كانوا يزودون
جيشي كولتشاك ودينيكين من ايران عن طريق بحر قزوين ومدينة غوريف الروسية. وأدت الانتصارات الاولى للجيش الاحمر على كولتشاك الى تعقيد وضع الغزاة الاجانب في آسيا الوسطى وخاصة بعد ان اخترقت وحدات الجيش الاحمر في ديسمبر/كانون الاول عام 1918 حصارا فرضته القوات المضادة للثورة على تركمانستان وانضمت الى قوات الجمهورية السوفيتية في 22 يناير/كانون الثاني للعام نفسه.
وجهت الحكومة السوفيتية في 26 يونيو/تموز عام 1919 دعوة الى حكومة وشعب ايران . وتضمنت مذكرة الحكومة السوفيتية المؤرخة في 14 يناير/كانون الثاني عام 1918 مبادئ تقوم عليها السياسة السوفيتية تجاه ايران . كما اعربت الحكومة السوفيتية عن استعدادها لالغاء كافة الديون الايرانية للحكومة القيصرية والتخلي عن اية سيطرة على الايرادات ايرانية بما فيها تلك الناتجة عن الرسوم الجمركية والتلغراف والبريد واعلنت الحكومة السوفيتية بحر قزوين حرا لملاحة السفن الايرانية.
اعلنت الحكومة السوفيتية تسليم ممتلكات مصرف الاعتماد الروسي الى الشعب الايراني مجانا. كما سلمت مجانا الطرق المعبدة والسكك الحديدية ومنشآت المرفأ في ميناء أنزلي وخطوط البريد والتلغراف المبنية من قبل روسيا القيصرية في ايران الى الشعب الايراني بشرط ان يتقاضى العمال والموظفون في تلك المؤسسات مكافآت. وجرى الغاء كافة امتيازات المواطنين الروس. وتخلت روسيا عن التدخل في تنظيم وتشكيل القوات المسلحة الايرانية.
لكن سلطة الاحتلال البريطانية والحكومة الايرانية المتواطئة معها لم تردا على مذكرة الحكومة السوفيتية.
قامت الحكومة السوفيتية صيف عام 1919 بايفاد بعثة دبلوماسية جديدة برئاسة ايفان كولوميتسيف الى ايران. لكن البعثة تم اعتقالها بمجرد وصولها الى ايران، وذلك بامر من البريطانيين. وقام ضباط الحرس الابيض بمشاركة عسكريين ايرانيين وبتحريض من السلطة البريطانية بقتل رئيس البعثة كولوميتسيف. واسرعت سلطة الاحتلال في الغاء البعثة السوفيتية اذ انها اختتمت انذاك المحادثات السرية مع الحكومة الايرانية حول عقد اتفاقية جديدة معها. وتم توقيع المعاهدة البريطانية -الايرانية في 9 اغسطس/آب عام 1919 . وقضت المعاهدة بحق البريطانيين في تعيين مستشارين لهم في الحكومة وضباط بريطانيين في الجيش الايراني. كما قضت المعاهدة بمنح ايران قرضا بريطانيا مقابل عربون معين، كان عبارة عن ايرادات من الجمارك الايرانية وموافقة الحكومة الايرانية على اعادة النظر في الرسوم الجمركية. ودل ذلك وغيره من شروط المعاهدة المجحفة على تحويل ايران الى مستعمرة ومحمية بريطانية.
عرضت السلطات السوفيتية في 28 اغسطس/آب عام عام 1919 على ايران توقيع معاهدة معها. ورافق الاقتراح طرد الغزاة الاجانب من منطقة جنوب القوقاز وآسيا الوسطى. وشهدت باكو المحررة عام 28 ابريل/نيسان عام 1920 اعلان جمهورية اذربيجان السوفيتية . واقتربت وحدات الجيش الاحمر من حدود ايران. وقام المحتلون البريطانيون في مايو/آيار عام 1920 بسحب قواتهم البرية والبحرية وما تبقى من وحدات الحرس الابيض الروسي من المنطقة الى ميناء انزلي الايراني حيث كان من المخطط انشاء قاعدة لانطلاق هجوم جديد ضد روسيا السوفيتية.
في 18 مايو/آيار عام 1920 قام الجيش الاحمر بانزال بحري في ميناء انزلي الايراني وأرغم البريطانيين على الاستسلام واعادة الممتلكات التي استولوا عليها الى روسيا والجلاء عن الميناء، الامر الذي ادى الى تدهور سمعة الامبراطورية البريطانية بشكل سريع.
وجهت الحكومة الايرانية في 20 مايو/آيار عام 1920 مذكرة الى الحكومة السوفيتية جاء فيها انها موافقة على ايفاد بعثتين الى كل من باكو وموسكو لاجراء مفاوضات مع السلطات السوفيتية. وردت الحكومة السوفيتية فورا على المذكرة معلنة انها مستعدة للبدء في المفاوضات. واعلنت انها لم تتراجع حتى في الظروف الجديدة عن اقتراحاتها السابقة.
لكن البريطانيين بذلوا جهودا للحيلولة دون تقدم المحادثات بين الدولة السوفيتية وايران. وهو ما حال دون ارسال ايران بعثتين

الى باكو و موسكو. وقام الممثلون البريطانيون باسقاط حكومتين ايرانيتين. كما انهم قدموا مرتين انذارا اخيرا لايران مطالبين بابرام المعاهدة البريطانية الايرانية في المجلس. لكن موسكو استقبلت في نهاية المطاف سفيرا ايرانيا استثنائيا فوق العادة وصل الى روسيا شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 1920 لاجراء المفاوضات حول عقد المعاهدة.
وشهدت طهران بعد قليل انقلابا على الحكومة. ولعب رضا خان شاه ايران مستقبلا وقائد لواء القوزاق الذي شكلته الحكومة القيصرية بطلب منه دورا كبيرا في تدبيره. واوصل الانقلاب 21 فبراير/شباط عام 1921 حكومة السيد ضياء الدين الى الحكم في ايران. وتم توقيع المعاهدة السوفيتية الايرانية في موسكو يوم 26 فبراير/شباط عام 1921 .واعلنت الحكومة الايرانية في اليوم نفسه انها ترفض تقديم المعاهدة البريطانية الايرانية الى المجلس لابرامها.



المعاهدة السوفيتية -الايرانية تمثل معجزة في فن الدبلوماسية


ثبتت المعاهدة استقلال وسيادة ايران والغت كافة الاتفاقيات التي عقدتها روسيا القيصرية مع دول اخرى من شانها ان تلحق ضررا بايران وقضت المعاهدة باقامة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية بين البلدين. ووافق الجانبان على الاعتراف بالحدود التي رسمتها اتفاقية عام 1881 الروسية الفارسية. ونصت المعاهدة على حق الجانبين في الاستعمال المشترك للانهر الواقعة على الحدود.
وضمت المعاهدة قرارات بشأن الاقتراحات الاقتصادية السوفيتية الواردة في مذكرة الحكومة السوفيتية المؤرخة في 26 يونيو/حزيران عام 1919.
كما انها احتوت على مواد تضمن استقلال ايران وامن بلاد السوفيت.
ونصت المادة الخامسة (بند الاول) للمعاهدة على ان الجانبين التزما بالحيلولة دون وجود تنظيمات او مجموعات او اشخاص يهدفون الى مواجهة كل من بلاد فارس وروسيا او الدول الحليفة لروسيا في اراضي كل منهما. كما قضت تلك المادة بالحيلولة دون تجنيد افراد في ميليشيات هذه التنظيمات.
وقضت المادة الثالثة للمعاهدة بالتزام كل من روسيا وايران بان تمنعا بشتى الوسائل مرابطة جيوش او قوات مسلحة لدولة اخرى تهدد حدود ومصالح وامن الجانب المتعاقد السامي الاخر في اراضيهما.
وقضت المادة السادسة بما يلي:" في حال قيام دول اخرى بمحاولات لممارسة سياسة الاحتلال او جعل بلاد فارس قاعدة للاعتداء على روسيا ووجود تهديد لحدود جمهورية روسيا السوفيتية الفيدرالية الاشتراكية او الدول الحليفة لها وفي حال عجز الحكومة الفارسية عن ردع هذا الخطر بعد انذارها من قبل الحكومة الروسية السوفيتية يحق للحكومة الروسية السوفيتية ادخال قواتها الى اراضي بلاد فارس لاتخاذ الاجراءات العسكرية اللازمة دفاعا عن الذات".
قضت المادة السادسة بضمان وحدة اراضي ايران وامنها وفرضت على روسيا السوفيتية التزاما بالحيلولة دون ممارسة سياسة الاحتلال من قبل دول اخرى في اراضي بلاد فارس.
وكان تخلي الحكومة السوفيتية طوعا عن كل الامتيازات بما فيا الاقتصادية في ايران خطوة لا مثيل لها في تاريخ العلاقات بين دولة كبرى ودولة صغيرة.
وجاءت المعاهدة السوفيتية الايرانية بمثابة ضربة موجعة موجهة الى سياسة الدول الاستعمارية في الشرق. وكتبت مجلة "نيشن" الامريكية يوم 3 يونيو/ حزيران عام 1921 :" تجني روسيا حاليا في بلاد فارس ثمر سياسة الفداء بالذات اذ انها تخلت عن الامتيازات الاقتصادية والطرق والبنوك واقسام التلغراف دون ان تطلب فلسا تعويضا للخسائر التي تكبدتها".
وتمكنت ايران استنادا الى دعم الدولة السوفيتية من حمل بريطانيا على سحب قواتها من اراضيها والغاء معاهدة عام 1919 البريطانية الايرانية المجحفة في عام 1921.
وقدم الاتحاد السوفيتي فيما بعد مساعدة ملموسة لايران في تطوير صناعتها. وانشئت في ايران بمساعدة الاتحاد السوفيتي عدة مستودعات للحبوب بما فيها مستودع طهران الكبير وطاحونة طهران الكبيرة وعدة معامل لمعالجة الارز وغيرها من المؤسسات الصناعية. وتم في عام 1924 تأسيس المصرف التجاري الروسي الفارسي والجمعية الروسية الفارسية التجارية وتعاونية القطن الروسية الفارسية وجمعية التصدير والاستيراد الروسية الفارسية.



على عتبة الحرب العالمية الثانية .. الورقة الألمانية

كان الشاه الايراني رضا بهلوي يتبع في عشرينات القرن الماضي سياسة الحفاظ علي علاقات حسن الجوار مع الاتحاد السوفيتي ، الامر الذي ساعد في تعزيز استقلال ايران السياسي والاقتصادي. لكن اواخر الثلاثينات شهدت تجليات العداء تجاه الاتحاد السوفيتي في سياسته. وازدادت الدعاية المضادة للسوفيت في البلاد. وكان كل ما له علاقة بالروس يضطهد بقسوة. وتخلى الشاه عام 1938 عن توقيع اتفاقية تجارية جديدة مع الاتحاد السوفيتي مما ادى الى تقليص مستوى التجارة الثنائية التي شغلت عام 1938 نسبة 38% من التبادل التجاري في البلاد. واتصفت سياسة الشاه الخارجية عشية نشوب الحرب العالمية الثانية بالعداء الشديد وصار الشاه يقترب من ألمانيا الهتلرية. وكان ينظر في فترة اعوام 1934 -1941 الى المانيا بصفتها نموذجا للاقتداء به.
وكانت ايران بصفتها طريقا بريا تقليديا الى جنوب شرق أسيا وبلدا يمتلك حقول النفط الغنية تشكل اهمية خاصة بالنسبة لالمانيا ناهيك عن وضعها الاستراتيجي الهام في الحرب المحتملة مع الاتحاد السوفيتي. وقام الهتلريون في مطلع عام 1941 بنقل 11 طنا من الاسلحة والذخائر الى ايران بشكل خفي. كما انهم انشأوا مستودعات للاسلحة والمتفجرات في شمال البلاد. وكان ما يقارب 4 ألاف شخص من العملاء الالمان يعملون في ايران عام 1941. وورد في معلومات اجهزة الاستخبارات ان ايران يمكن ان تشهد انقلابا عسكريا بهدف اشراك البلاد في الحرب ضد الاتحاد السوفيتي الى جانب المانيا. وقام الجيش السوفيتي باحباط الخطط الهتلرية. وقد وجهت الحكومة السوفيتية المذكرات المؤرخة في 26 يونيو/حزيران و19 يوليو/تموز و 16 اغسطس/آب عام 1941 الى الحكومة الايرانية بطلب ايقاف نشاط الالمان في ايران. ونظرا لان الحكومة الايرانية رفضت تنفيذ ما جاء في المذكرات فان الاتحاد السوفيتي وبريطانيا سلمتا يوم 25 اغسطس/آب الى الحكومة الايرانية مذكرة جديدة وقاما بادخال قواتهما الى ايران..
في 16 سبتمبر/ايلول وقع الشاه رضا مرسوم تخليه عن العرش وتسليمه الى ابنه الاكبر محمد رضا بهلوي وغادر ايران. دخلت القوات السوفيتية ايران في 17 سبتمر/ايلول عام 1941 ، وذلك تنفيذا لمعاهدة عام 1921 السوفيتية الايرانية الانفة الذكر. . اما القوات البريطانية فدخلت ايران في 18 سبتمر/ايلول عام 1941.
واسفر طرد الالمان من ايران وقطع العلافات الدبلوماسية مع ألمانيا عن انضمام ايران الى التحالف المضاد لهتلر وضمن لها السيادة والاستقلال والمكانة الجديرة في العالم بعد انتهاء الحرب.
اطلق على عملية احتلال ايران من قبل الحلفاء "عملية الوفاق" وكان هدف العملية حماية حقول النفط الايرانية من قوات المانيا النازية وحلفائها فضلا عن فتح ممر اضافي لنقل امدادات الحلفاء الى الاتحاد السوفيتي. وكان الاتحاد السوفيتي يحافظ على قواته في ايران الشمالية لغاية شهر مايو/آيار عام 1946 تخوفا من وقوع العدوان المحتمل من جانب تركيا.
شهدت طهران في اواخر عام 1943 انعقاد القمة الثلاثية الكبرى لرؤساء دول التحالف ستالين وتشرشل وروزفلت بصفتها اهم حدث

ستالين روزفلت وشيرشل
دبلوماسي أبان الحرب العالمية الثانية. وعقدت اجتماعات القمة في 28 نوفمبر/تشرين الثاني و 1 ديسمبر/كانون الاول عام 1943 .
وقام في اراضي ايران المحتلة من قبل القوات السوفيتية كيانان غير معترف بهما هما جمهورية مهاباد الكردية واذربيجان الجنوبية.
رافق انسحاب القوات السوفيتية التوصل الى اتفاقات مع طهران التي وافقت على تأسيس شركة النفط السوفيتية الايرانية المختلطة. وكان الاتحاد السوفيتي يدعو الى استقرار الوضع في اذربيجان الجنوبية. واعربت ايران بهذا الصدد عن رغبتها الشكلية في تسوية العلاقات مع الحكومة الاذربيجانية الوطنية في هذا الاقليم وتقديم الحريات للمنظمات الاجتماعية والنقابية فيه. لكن الحكومة الايرانية قامت على اثر انسحاب القوات السوفيتية من ايران بالغاء كل الاتفاقات المتوصل اليها، وذلك بضغط من بريطانيا وامريكا. واعلن رئيس الوزراء الايراني في 21 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1946 ادخال القوات الحكومية في اقاليم ايران كلها بما فيها اذربيجان الجنوبية بحجة اجراء الحملة الانتخابية. واكتفي الاتحاد السوفيتي بتوجيه انذار وتوصية في التخلي عن مثل هذه الخطط. وبعد دخول القوات الحكومية في اذربيجان الايرانية تم قمع حركة التحرر الوطني هناك بقسوة. وحدث الشئ ذاته في اقليم كردستان الايرانية. وتخلى المجلس المنتخب الجديد عام 1947 عن ابرام اتفاقية تأسيس شركة النفط الروسية الايرانية المشتركة.

فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية .. تنامي نفوذ امريكا

ادى الانتصار على المانيا النازية الى حدوث انقسام في صفوف الحلفاء مما اثر على علاقات موسكو مع طهران.
في 6 اكتوبر/تشرين الاول عام 1947 عقدت بين ايران والولايات المتحدة اتفاقية البعثة العسكرية الامريكية في ايران التي زادت من سيطرة المستشارين العسكريين الامريكيين على الجيش الايراني، الامر الذي أدى الى وقوف ايران الرسمي موقفا معاديا للسوفيت.
وشهدت الفترة التي سبقت سقوط نظام الشاه محمد رضا بحلوي مستويات مختلفة في العلاقات السوفيتية الايرانية من توترالعلاقات الى العلاقات الطبيعية.
وعلى سبيل المثال وقعت حكومة الجنرال رزمر عام 1950 في طهران اتفاقية تجارية مع الاتحاد السوفيتي وبدأت في العام نفسه المحادثات في موضوع تسوية مشاكل الحدود وغيرها من المشاكل في العلاقات بين البلدين.
واسفرت زيارة شاه ايران الى الاتحاد السوفيتي في يوليو/تموز عام 1956 عن ادلاء الشاه بتصريح جاء فيه ان بلاده لم ولن تنضم الى كتل معادية وأحلاف للاتحاد السوفيتي. الا ان ايران تبنت بعد فترة مبدأ ايزنهاور وعقدت في 5 مارس/آذار عام 1959 الاتفاقية الثنائية الايرانية -الامريكية العسكرية التي تسمح بدخول القوات الامريكية في اراضي ايران وتحويلها الى رأس جسر عسكري امريكي.
كما شهدت العلاقات السوفيتية - الايرانية فترات تخفيف التوتر، وذلك في زمان حكم رئيس الوزراء محمد مصدق ( اعوام 1951 - 1953) الذي كان يمثل مصالح البرجوازية الوطنية الايرانية . لكن تلك الحكومة سقطت نتيجة الانقلاب الذي اسفر عن اعتقال مصدق.
وبدأت في فترة ما بعد سقوط نظام الشاه صفحة جديدة في العلاقات بين موسكو وطهران.



العلاقات الايرانية السوفيتية بعد عام 1953


بعد قيام انقلاب عام 1953 المدعوم من قبل انجلترا والولايات المتحدة الذي ادى الى انقسام القوى اليسارية وسقوط حكومة مصدق الشرعية شهدت العلاقات السوفيتية الايرانية تقلبات من البرودة الى العلاقات الطبيعية. لكن الشاه رضا بهلوي ظل يؤكد كل مرة وفاءه لاصدقائه الاوروبيين والامريكيين الذين ضمنوا صعوده الى السلطة مجددا. وانطلاقا من هذا الامر فان رضا بهلوي لم يكن بوسعه ان ينتهج سياسة مستقلة واضطر الى ممارسة السياسة الموالية لامريكا مؤكدا كل مرة وجود الخلافات بينه وبين جاره الشمالي.
في 11 اكتوبر/تشرين الاول عام 1955 اعلن رئيس الوزراء الايراني حسين علاء انضمام بلاده الى حلف بغداد، الامر الذي اثار ردا سلبيا من جانب موسكو. واعلن
نيكيتا خروشوف في بيان صادر عنه انه يندد بهذه الخطوة ويصف الحلف بانه فقاعة صابون ستنفجر بسرعة. وردا على ذلك اعلن حسين علاء ان الاتحاد السوفيتي هو فقاعة من الصابون كتب لها الانفجار في اسرع وقت.
وكانت تصريحات كهذه تعقد العلاقات الثنائية غير البسيطة. ولم يساعد في تحسينها حتى توقيع معاهدة الحدود السوفيتية الايرانية ونظام تسوية نزاعات الحدود في 14 مايو/آيار عام 1957 وتبادل الزيارات على المستوى العالي.
في 15 سبتمبر/ايلول عام 1962 تبادلت طهران وموسكو مذكرتين تهدفان الى زيادة الثقة بين البلدين. واعلنت ايران آنذاك انها لن تسمح للدول الاجنبية بان تمتلك قواعد صواريخ في اراضيها. واكدت هذا الموقف بعد ان شنت الصحف السوفيتية واذاعة موسكو حملة دعائية على حلف السنتو (حلف بغداد سابقا) ورفضت امكانية تحويل ارضها الى رأس جسر لاعتداء الولايات المتحدة على الاتحاد السوفيتي. لكن الواقع بين عكس ذلك. وشهدت الحدود السوفيتية الايرانية حوادث كثيرة وبصورة خاصة افشال المناورات السوفيتية في منطقة باكو العسكرية لاقامة طائرة "ليبيراتور" الام

ليست هناك تعليقات: