كلما ذُكر " جبل التوباد"
تداعى للفكرة والخيال تلكم القصة الشهيرة التي أصبحت من اروع الحكايات التي تروى في المجالس الأدبية ، وأبدع الشعراء في كتابة الأشعار عنها .

إنها قصة " قيس وليلى "
ويعد جبل التوباد في محافظة الأفلاج ( 350كم ) جنوب مدينة الرياض من المعالم السياحية والأثرية
البارزة في المملكة نظرا لارتباط الجبل بـ ( قيس وليلى ) وبكل التفاصيل ، التي تناولتها كثير من المقالات والروايات
وجسدتها الافلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية.
غير أن جبل التوباد الجدير بالاهتمام بوصفة جزءا من تاريخ نابض بالحياة يعاني الان من قلة العناية والاهتمام و نقص الخدمات وقد قال فيه المجنون قيس بن الملوح مخاطباً إياه بهذه القصيدة الجميلة :
وأجهشت للتوباد حين رأيته **** وكبر للرحمن حين رآني
وأذرفت دمع العين لما عرفته **** ونادى بأعلى صوته فدعاني
فقلت له أين الذين عهدتهم **** حواليك في خصب وطيب زمان
فقال مضوا واستودعوني بلادهم **** ومن ذا الذي يبقى من الحدثان
وإني لأبكي اليوم من حذري غداً**** فراقك والحيان مؤتلفان

وقال أحمد شوقي فيه :
جبل التوباد حياك الحيا **** وسقى الله صبانا ورعا
فيك ناغينا الهوى في مهده**** ورضعناه فكنت المرضعا
وحدونا الشمس في مغربها **** وبكرنا فسبقنا المطلعا
وعلى سفحك عشنا زمنا **** ورعينا غنم الأهل معاً
هذه الربوة كانت ملعبا **** لشبابينا وكانت مرتعاً
كم بنينا من حصاها أربعا **** وانـثـنيا ومحونا الأربعا
وخططنا في نقا الرمل فلم **** تحفظ الريح ولا الرمل وعى
لم تزل ليلى بعيني طفلة **** لم تزد عن أمس إلا إصبعا
ما لأحجارك صما كلما **** هاج بي الشوق أبت أن تسمعا
كلما جئتك راجعت الصبا **** فأبت أيامه أن ترجعا
قد يهون العمر إلا ساعة **** وتهون الأرض إلا موضعا
& & & &
غار قيس وليلى
ويقع جبل التوباد داخل قرية الغيل والتي سكنها قديما قبل تقريبا ألف عام قبيلة بني عامر التي ينتمي لها قيس بن الملوح وليلى العامرية وتقع الغيل حاليا في الجزء الجنوبي الغربي من محافظة الافلاج والتي تستقر فيها الآن قبيلة الدواسر
وتبعد عن مدينة ليلى عاصمة المحافظة ( 40 كم ) وتشتهر بالزراعة وخصوصا زراعة النخيل والخضراوات.
ويقع بوسط جبل التوباد غار يسمى ( غار قيس وليلى ) وهو عبارة عن فتحة صغيرة تقع في منتصف الجبل بمساحة لا تتجاوز أربعة أمتار يقال أن قيس وليلى يجلسان فيه ويتبادلان الشعر والغزل وقد كتب على أحد الصخور بجوار الغار بيت لإحدى قصائد قيس بن الملوح المشهورة تخليدا للقصة المشهورة عندما مر بجوار جبل التوباد وتذكرابنة عمه ليلى العامرية والأيام الجميلة التي قضياها معا عندما كانا صغيرين يرعيان الغنم فوق جبل التوباد بعد أن حرم من رؤيتها وزواجها.














ستمشي مسافة لا تتجاوز 200 متر لتوقف سيارتك بعد أن يظهر الجزء الشرقي من جبل التوباد




والجبل غير بارز ولا يختلف عن الجبال المحيطة به هذا إن لم يكن أقل أهمية من الناحية التضاريسية
عن بقية الجبال المحيطة به .

ولكن التاريخ هو الذي خلده والحب والشعر وليلى وقيس
ومن الملاحظ أنه لا توجد لوحات عند الجبل تشير إليه , بل قام أحد المهتمين جزاه الله خيراً
بوضع أسهم بواسطة بخاخ البوية للدلالة على الجبل وغار قيس وليلى .

وهذه صورة أخرى للغار من الداخل وتظهر هذه النبتة .... أتراها كانت بذرة زرعها قيس؟

أمـرُّ علـى الديـار ديـار ليلـى ^ ^ ^ أُقبـل ذا الـجـدار وذا الـجـدارا
وما حـب الديـار شغفـن قلبـي ^ ^ ^ ولكن حـب مـن سكـن الديـارا
تذكرت هذين البيتين عندما رأيت هذا الجدار قبل الصعود للجبل فهل كان قيس يقبله؟

قال قيس بن الملوح مخاطبآ ليلى :
تعلقت ليلى وهي غرٌّ صغيـرةٌ،،،،،،ولم يبد للأتراب من صدرها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا،،،إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
فأجابته ليلى باكية لما سمعت شعره :
كلانا مظهر للناس بغضاً،،،،،،وكل عند صاحبه مكيـن
تخبرنا العيون بما أردنـا،،،،وفي القلبين ثم هوى دفين
فلما سمع مقالتها خر مغشياً عليه , فلما أفاق قال:
صريع من الحب المبرح والهوى،،،،وأي فتى من علة الحب يسلـم
ففطن جلساؤه عند ذلك فأخبروا أباها, فحجبوها عنه وعن سائر الناس ، فلما حجبت عنه
أنشأ قيس بن الملوح يقول:
ألا حجب عني ليلى والى أمرها،،،،،عليّ يمنياً جاهـلاً لا ازورهـا
وأوعدني فيهـا رجـال أبوهـم،،،،أبي وأبوها ثخنت لي صدورها
على غير شيء غير أني أحبها،،،،وإن فؤادي عند ليلـى أسيرهـا
وإني إذا حنّت إلى الإلف إلفهـا،،،همّا بفؤادي حيث حنت سحورها
& & &
وقد أعاد الشاعر سعد بن ثلاب السبيعي المعروف بـ ( شاعر التوباد )
اكتشاف غار قيس وليلى من جديد بعد أن كاد يتلاشى موقعه لعدم تحديده جغرافياً وينسب ابن ثلاب الفضل في اكتشافه
من جديد إلى عجوز طاعنة في السن جاءت إليه مستغيثة تناشده استرجاع غنمها التي اعتلت جبل التوباد ولبى نداءها ووجدها رابضة في غار أثار في نفسه جملة من الشكوك حوله ؟؟!!!
وعلى الفور انطلق ابن ثلاب صوب الرياض قاصدا الأديب الشاعر عبدالله بن خميس من أجل دعوته لمشاهدة الجبل والغار ولبى ابن خميس الدعوة وزار الجبل لكنه لم يصعده لألم في ركبته عافاه الله منها
ومتعه بالعافية وقال : هذا هو جبل المجنون وهذا غاره .


& & & &
ختاماً نلاحظ الاهمال الواضح لهذا المعلم التاريخي الذي يحكي قصة الحب التاريخي (قيس وليلى) بينما لو اتجهنا الى مدينة فيرونا الايطالية التي جسدت قصة روميو وجوليت نجد الاهتمام الواضح على الرغم من أن قصة قيس وليلى
هي الأشهر والأجمل